السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العيد في معانيه
العيد فرحة متأصلة في قلب الإنسان، وهو مناسبة موغلة في القدم فمنذ أن تشكلت البشرية وأخذت ترتقي السلم الحضاري وحددت الزمن بمواقيت، جعلت لها محطات للترويح عن النفس عند كل مناسبة سعيدة وسمّت تلك المحطات أعياداً لأنها تعود إليها كلما عادت. وقد تكون المناسبة مظهراً من مظاهر الطبيعة كما في عيد الربيع (النيروز) أو زمنية كما في أعياد رأس السنة أو دينية كما في الأعياد الإسلامية والمسيحية، أو اجتماعية كعيد العمال أو وطنية كأعياد الاستقلال والجلاء والشهداء إلى غير ذلك من الأعياد التي تحتفل بها شعوب وحكومات العالم اليوم.
أما الأعياد الدينية فتكون عادة على رأس الأعياد كلها لأنها تمثل ـ إلى جانب البهجة المتعارفة في جميع الأعياد ـ بعداً روحياً ورمزاً إلهياً يحظى بتقديس الشعوب المؤمنة. وها نحن في رحاب عيد يحمل تلك المعاني السامية.
إنه عيد الأضحى، الذي نتنسم عبيره الفواح من أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدىً للعالمين.
في مثل هذا العيد حري بنا ان نقف معه ونتأمل معانيه القيمية والإنسانية السامية المتضمنة لأعمال الحج حيث يأتي الناس من كل فج عميق فالأبيض والأسود والغني والفقير والعربي والأعجمي كلهم يقفون خاضعين خاشعين متضرعين حيث لا فرق بينهم وأكرمهم عند الله اتقاهم.
فقد جعل الله العيد لنعود بذاكرتنا للعام الذي مضى وتصرم من حياتنا لمراجعة الذات ومحاسبة النفس من خلال النقد الذاتي معها، انه دعوة للتقويم والبناء الجديد من اجل الارتقاء والسمو النفسي والأخلاقي والإيماني.
وإذا شئنا الاستزادة من معاني العيد الخيرة علينا أن نتوجه صوب أهل اللغة والشعراء من العرب لنرى رأيهم فيه، فنزداد به علماً ويزداد في نفوسنا حضوراً وبهجة، فأهل اللغة قد اتفقوا بأن مصدر العيد هو العود، فيقولون: عاد إليه يعود، عودة وعوداً: رجع. وفي المثل العود احمد. وقد عاد له بعد ما كان اعرض عنه. والمعاد: المصير والمرجع. والآخرة: معاد الخلق، والمعاودة: الرجوع إلى الأمر الأول. يقال: الشجاع معاود لأنه لا يمل الرأس. وعاوده في المسألة أي سأله مرة بعد أخرى ويقال: عد فإن لك عندنا عوداً حسناً ـ أي ما تحب ـ والعائدة: العطف والمنفعة، يقال: هذا شيء أعود عليك من كذا ـ أي أنفع ـ وفلان ذو صفح وعائدة ـ أي ذو عفو وتعطف. أما العود: فمن الخشب واحد عيدان. وعاد: قبيلة قوم هود (عليه السلام) وشيء عادي ـ أي قديم كأنه منسوب إلى قوم عاد.
أما العيد: فهو ما اعتادك من همّ ومسرة والعيد واحد الأعياد. وإنما جمع بالياء واصله بالواو للزومها بالواحد وذلك للفرق بينه وبين أعواد الخشب. وقد عيّدوا ـ أي شهدوا العيد.
أما الشعراء فإنهم قلّ ما يبحثون عن اصل التسمية إلا بالاشارة الخاطفة واللمحة السريعة فالذي يعنيهم هو مجرد الحدث أو المناسبة وحوله تتمحور إيحاءاتهم الشعرية. ويطالعنا في البدء قول شاعر متيم حاول أن يفسر حبه إلى جانب معنى العيد فقال: والقلب يعتاده من حبها عيد. كما أن المتنبي حاول ذلك فقال:
عيد بأية حال عدت يا عيد***لأمر مضى أم لأمر فيك تجديد
أما الأحبة فالبيداء دونهم***فليت دونك بيدا دونها بيد
العيد في حياة الشعوب
كانت مناسبات الأعياد من أهم المناسبات الاجتماعية لما يسبقها ويصاحبها من نشاط روحي خاص للكبار ومن تشوق وترقب من قبل الصغار وعادة ما تكون العادات والتقاليد الخاصة بالأعياد في الشعوب العربية والإسلامية متشابهة تقريباً إلا في بعض التفاصيل الصغيرة. وقد كان عيد الأضحى مناسبة للحصول على ملابس جديدة لأفراد الأسرة خصوصاً الأطفال.
كما كان عيد الفطر مناسبة للحصول على ملابس جديدة لأفراد الأسرة المختلفين خصوصاً الأطفال.